شبكة المزارعين الليبيين Uncategorized العلاج بالبستنة Horticulture therapy

العلاج بالبستنة Horticulture therapy

العلاج بالبستنة Horticulture therapy

فوائد هواية الزراعة والبستنة

أتريدون تحسين مزاجكم؟ البستنة قد تكون الحل الأنسب والأوفر 

أتريدون تحسين مزاجكم؟ البستنة قد تكون الحل الأنسب والأوفر 
في عالم متسارع الوتيرة وكثير الضغوط، غالباً ما نبحث عن طرق جديدة للاسترخاء والهرب حتى لو لبضع دقائق من ضجيج الخارج. كثيرة هي الوسائل التي باتت متوفرة لنا، كالعلاجات البديلة والتأمل واليوغا وغيرها… ولكن، هل فكرتم يوماً بأن مجرد الاهتمام بنباتاتكم المنزلية أو العناية بالحديقة، أو الانخراط بمجموعة “البستنة” له فوائد على صحتكم العقلية والنفسية والجسدية؟ 
بالفعل ما بات يُعرف بـ”علاج البستنة” أو Horticulture therapy باللغة الإنجليزية تحّول إلى نزعة “علاجية” إذا صح التعبير في مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من وجود متخصصين في هذا العلاج، وجمعيات ومؤسسات تقدّم هذه الخدمات، فقد تكون “البستنة” في متناول الجميع. بضع نباتات ومرشة ورفش وأسمدة طبيعية و”يد خضراء” لتنمو وتُزّهر وتتألق حديقتك… ونفسيتك!

ما هو “علاج البستنة”؟

أثبتت السنوات أن علاج البستنة فعّال على صحة الإنسان العقلية والنفسية، ولا سيما أنّ هذه المنافع تم توثيقها منذ العصور القديمة. ففي القرن التاسع عشر، كان د. بنجامين راش، المعروف بـ”أبي الطب النفسي الأمريكي”، أول من تحدث عن تأثير الاهتمام بالحديقة على الأفراد الذين يعانون من أمراض نفسية. وفي الأربعينيات والخمسينيات، لاقت هذه الممارسة قبولاً كبيراً في الرعاية التأهيلية لقدامى الحرب في المستشفيات. واكتسب علاج البستنة المزيد من المصداقية، ودمج لاحقاً في مجموعة أوسع من التشخيصات والعلاجات.

بضع نباتات ومرشة ورفش وأسمدة طبيعية و”يد خضراء” لتنمو وتُزهر وتتألق حديقتك… ونفسيتك!
اليوم، يتمّ اللجوء إلى هذا العلاج إلى جانب علاجات أخرى لمساعدة الخاضعين له في تعلم مهارات جديدة أو استعادة مهارات فقدوها. 
وقامت مؤسسات خاصة عديدة بهذه الممارسات، مثل “مؤسسة علاج البستنة الأمريكية”، في تحديد أنواع مختلفة من هذه العلاجات، التي تضم جميعها مشاركة “مريض” في نشاطات البستنة، التي يوفّرها معالج متدرّب.
وهناك “البستنة الاجتماعية” التي تشكّل نشاطاً ترفيهياً متعلقاً بالنباتات والبستنة، من دون تحديد أهداف علاجية، بل التركيز على التفاعل الاجتماعي. أما “البستنة المهنية”، فهي عنصر أساسي من برنامج “البستنة العلاجية”، إذ تركّز على توفير التدريب الذي يسمح للأفراد بالعمل في هذا المجال، بشكل فردي أو ضمن مؤسسة معينة. 
ونجد أنواعاً مختلفة من الحدائق التي تشكّل ساحة ملائمة لعلاجات البستنة. ويقدّم كلّ منها منافع محددة. وتغص “حدائق الشفاء” Healing gardens بالنباتات الخضراء والأزهار والماء وأشكال طبيعية أخرى، تكون غالباً في المستشفيات أو مراكز الرعاية الصحية الأخرى، لتتحوّل إلى مكانٍ للخلوة والراحة. وتأتي “حدائق الشفاء” بثلاثة أنواع، الحدائق العلاجية، وحدائق علاج البستنة، والحدائق الإصلاحية، التي تتداخل جميعها بعضها ببعض.

التأثيرات الإيجابية…

يرى عالم النفس المتخصص في علم الأعصاب، د. ألبير مخيبر، أن “علاج البستنة” شبيه “بأي هواية تساعدنا على “الانفصال” عن واقعنا اليومي، ولا تحمل معها ضغوط “الأداء” الجيد. وبالتالي، تمنح منافع إيجابية”. ويقول: “عدا ابتعاد أو انقطاع عن الواقع، يوفر علاج البستنة فرصة الحركة والتمارين التي قد تُحفز الأفراد الذين لا يملكون الدوافع لممارسة الرياضة مثلاً، أو معظم الأفراد الذين يمضون ساعات طويلة جالسين إلى مقاعد مكاتبهم”. 
يساعد علاج البستنة أيضاً في تحسين الذاكرة والقدرات الإدراكية ومهارات اللغة، والتفاعل مع الآخرين، إضافة إلى تقوية العضلات وتحسين التنسيق والتوازن، والقدرة على التحمل.
وبما أن البستنة تحملكم على التعامل مع النباتات التي تنمو وتنضج ثمارها وتتساقط أوراقها وتذبل، فهي قد تساعد كل من يعاني من صدمة خسارة شخص عزيز على التعامل مع الوضع، وتقبّل مجرى الحياة. إضافة إلى أن رعاية النباتات، تساعد الأفراد خصوصاً الأطفال في تعلّم أهمية رعاية الآخرين، والاهتمام بالتفاصيل وحسّ  المسؤولية. 
كما أنها تحفّز الحواس الخمس، خلافاً لمعظم النشاطات الترفيهية الأخرى. فقد أثبتت الدراسات أنها ترفع معدلات “هورمونات السعادة”. كيف ذلك؟ التعرض لمساحات خضراء يساعد في تقليص معدلات الكورتيزول، أي هورمون الضغوط، الذي يتحكّم بالمزاج والذاكرة والمناعة.

العودة إلى الطبيعة

“الطبيعة هي أفضل إطار لعلاج الصدمات”، أو المشاكل النفسية وضغوط الحياة اليومية المتسارعة، خصوصاً أن معظمنا يمضي ساعات طويلة محتجزاً داخل جدران المكتب، ومن دون أي حركة تُذكر.
ظهر “العلاج البيئي” Ecotherapy الذي يُعرفه د. مخيبر بأنه “مجموعة واسعة من البرامج العلاجية التي تهدف إلى تحسين الرفاهية العقلية والجسدية من خلال ممارسة النشاطات الخارجية في الطبيعة”.
ولا يقتصر العلاج البيئي على علاج البستنة، بل يتضمن باقة واسعة من الممارسات، كالعلاج بمساعدة الحيوانات أو النشاطات في البرية، أو العمل على التوعية حول أهمية الطبيعة، أو حتى كيفية التعامل مع “أسفنا وقلقنا” حيال ما قام به الإنسان لكوكبنا، وكل التأثيرات على البيئة والمناخ.
إلا أن “علاج البستنة” قد لا يكون الحل الأنسب لكل المشاكل. يقول د. مخيبر: “لا يسعنا أن نضع كل العلاجات البديلة في سلة واحدة، ولا بد أن نتجنب الحكم على فعالية وسيلة محددة على مجموعة واسعة من المشاكل النفسية. فهي قد تساعد في بعض الحالات وتفشل في حالات أخرى”. ويعطي مثالاً على الاضطرابات الجسدية، ويوضح: “مضادات الهيستامين تساعد الذين يعانون من الحساسية لكنها لن تفيد إذا كنت تعاني من كسر في القدم، الأمر نفسه ينطبق على علم النفس. فالبستنة قد تساعد في تخفيف القلق، ولكنها قد تكون غير فعالة في اضطرابات أخرى”. 
ويضيف: “بشكل عام، هذه الأنواع من الممارسات، إلا في حال كانت مجرد هواية للاسترخاء، لا بد أن تُستكمل بالعلاجات. فهذا النوع من الممارسات الذي يركّز على الاهتمام سيساعد على تخفيف أعراض القلق أو الاكتئاب، لكن هناك حاجة إلى العلاج النفسي لتغيير الأنماط المعرفية والسلوكية التي قد تكون السبب وراء الاضطرابات الظاهرة”.

بقلم : باميلا كسرواني

صحافية لبنانية عملت في مجال الصحافة المرئية والمسموعة وتعمل في الصحافة الإلكترونية بين دبي ولبنان. تحمل ماجستير في الإعلام من جامعة السوربون الفرنسية.
منقول عن موقع http://raseef22.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Related Post